تحليل: الحرب التجارية بين الصين وأمريكا… إلى أين تتجه؟
14 أبريل 2025 – إعداد: [ eVe ]
في وقت كان يأمل فيه العالم بمرحلة من الاستقرار الاقتصادي بعد أعوام من الاضطراب، عادت الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة لتشعل الساحة الدولية من جديد، مع تبادل فرض رسوم جمركية بين الطرفين في تصعيد ينذر بتبعات تتجاوز حدودهما الجغرافية.
بداية جديدة لصراع قديم
في الأسبوع الماضي، أعلنت واشنطن عن فرض رسوم جمركية جديدة على واردات صينية بقيمة 20 مليار دولار، تشمل منتجات استراتيجية كأشباه الموصلات، البطاريات، والمعادن المستخدمة في صناعة الطاقة المتجددة. وتذرعت الإدارة الأمريكية بأن هذه الخطوة تأتي لحماية الأمن القومي وتحقيق “العدالة الاقتصادية”.
وردّت الصين بسرعة، عبر بيان لوزارة التجارة قالت فيه إن “الإجراءات الأمريكية تمثل خرقًا واضحًا لمبادئ منظمة التجارة العالمية”، مؤكدة أنها ستفرض بدورها رسومًا على واردات أمريكية تشمل المنتجات الزراعية والمعدات التكنولوجية.
تصريحات متبادلة تزيد الاحتقان
وقال ليو وي، المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، إن “الولايات المتحدة تستخدم التجارة كأداة ضغط سياسي، ونحن نرفض الابتزاز الاقتصادي بأي شكل من الأشكال”.
من الجهة الأمريكية، صرّحت جنيفر هاريس، كبيرة مستشاري التجارة في البيت الأبيض، لقناة CNBC:
“الصين لم تتوقف عن دعم الشركات الحكومية بشكل يخل بتوازن الأسواق العالمية. الولايات المتحدة لن تقف مكتوفة الأيدي بينما تُسرق التقنيات ويُستغل السوق الأمريكي.”
ماذا وراء هذا التصعيد؟
يرى الخبراء أن ما يحدث ليس مجرد نزاع حول الرسوم الجمركية، بل هو صراع أعمق على النفوذ العالمي، خصوصًا في مجالات التقنية المتقدمة والطاقة الخضراء. يقول د. آدم كولمان، أستاذ الاقتصاد الدولي بجامعة هارفارد:
“الولايات المتحدة تحاول الحد من تمدد الصين في قطاعات حساسة، مثل الذكاء الاصطناعي وسلاسل توريد أشباه الموصلات، بينما تعتبر بكين ذلك محاولة لتقويض نهوضها كقوة اقتصادية عظمى.”
التأثير على الاقتصاد العالمي
التصعيد الحالي يهدد بتأزيم سلاسل الإمداد، ورفع كلفة المواد الخام والتكنولوجيا، ما قد ينعكس على أسعار السلع والخدمات في مختلف أنحاء العالم. ووفقًا لتحليل صادر عن مركز الدراسات الاقتصادية العالمي في لندن، فإن استمرار الحرب التجارية قد يخفض الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة تصل إلى 1.2% خلال العامين المقبلين.
ويقول التقرير:
“الاقتصاد العالمي هش أصلًا، وأي تصعيد جديد في التجارة بين الصين وأمريكا سيؤثر على ثقة المستثمرين، ويزيد من التذبذب في الأسواق.”
هل من أفق للحل؟
رغم الدعوات المتكررة من منظمة التجارة العالمية والأمم المتحدة للتهدئة، فإن مؤشرات العودة إلى طاولة المفاوضات لا تزال ضئيلة. فالولايات المتحدة تستعد لانتخابات رئاسية، وقد تلعب الورقة التجارية دورًا شعبيًا في الحملات الانتخابية. أما الصين، فهي تعزز من تحالفاتها التجارية مع دول آسيا وأمريكا الجنوبية في محاولة لتقليل الاعتماد على السوق الأمريكي.
وفي خضم هذا المشهد المعقد، يبقى السؤال مفتوحًا:
هل يشهد العالم تسوية سياسية تنهي هذه الحرب، أم أن القادم يحمل فصولًا جديدة من الصراع؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
شاركنا رأيك