"ضمانات أمنية"، هكذا كان لسان حال العديد من قادة أوروبا وواشنطن خلال الأيام الماضية، حول الأزمة الروسية الأوكرانية. تصريحات تتزامن مع الهجوم المضاد الذي أعلن عنه الجيش الأوكراني، دون ظهور استعدادات واضحة، رغم كل ما ترسله واشنطن وحلفاؤها من أسلحة.
بحسب خبراء, فإن الهجوم المضاد يتم تأجيله لثقة كييف في عدم استعادتها للأقاليم التي ضمتها موسكو، بينما يرى آخرون أنه سيتم التفاوض على أساس معادلة جديدة وليست كما كانت تطالب أوكرانيا في ظل التصريحات الغربية الأخيرة، ويعتبر طرف ثالث أنه من الصعب أن تتراجع كييف عن شروطها وهو الانسحاب الكامل من الأقاليم الخمس.
فهل ستجُبر أوكرانيا على قبول "الهزيمة المشرفة"؟
الغرب وباب التفاوض
أطلقت أوكرانيا خلال الأشهر الماضية العديد من التصريحات حول اقتراب هجومها المضاد لاستعادة الأقاليم التي ضمتها روسيا في حربها الأخيرة وهي لوهانسك، ودونيتسك، وزاباروجيا، وخيرسون، ولكن دون خطوة فعلية أو مؤثرة ميدانيًا حتى الآن، بحسب العديد من الخبراء.
وهنا يقول فوروغتسوف ستاريكوف، الباحث الروسي في مؤسسة "فولسك" العسكرية، إن الهجوم الأوكراني المضاد يتأجل في كل مرة ضمن محاولاتِ كييف لسدِ العجز في قواتها بمزيدٍ من الإمدادات الغربية.
أوضح أن الغرب كان يدفع حتى فترة قريبة كييف لشن هذا الهجوم، لتبرير الدعم السخي أمام الشعوب الغربية ، ولكن ما يحدث خلال الأيام الماضية في التصريحات الغربية بالتزامن مع الانتصارات الروسية وتضييق الخناق في الجبهة الجنوبية، يثبت عدم قدرة كييف على شن هذا الهجوم أو جعله هجوما ذا تأثير.
وأشار ستاريكوف، في تصريحاته لموقع "سكاي نيوز عربية" إلى قرارات البرلمان السويسري الأخير حول منع تزويد أوكرانيا بالأسلحة، والالتزام بالحياد وعدم التدخل في تلك الأزمة.
وتابع: "ليست تلك التصريحات وحدها، فالرئيس الفرنسي عاد من جديد ليتحدث عن ضمانات أمنية، مما يؤكد سعي الغرب للتفاوض حتى لا تتطور الأمور وتضر بالجميع".
واشنطن تميل إلى إنهاء الحرب
طالب وزير الخارجية أنتوني بلينكن، الجمعة، بتعزيز قوة أوكرانيا قبل أي اتفاق سلام مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في ظل تزايد الدعوات للتفاوض، محذراً من الأوهام ومن السلام الزائف المتمثل في وقف محتمل لإطلاق النار.
أكد ستاريكوف أن جنون العقوبات الذي يمارس ضد موسكو، أضر الغرب قبل روسيا فهناك حالة من شح السلع الاستراتيجية في الأسواق الأوروبية، والقفزة في أسعار منتجات أخرى مع ارتفاع أسعار الطاقة والغاز، جعلت عددًا من البلدان الأوروبية تضغط على أوكرانيا لقبول أي اتفاق سلام محتمل مع موسكو.
وجهة نظر روسية
الباحث السياسي والاستراتيجي الدكتور آصف ملحم أوضح أن التصريحات الغربية تُثبت أنه لا يمكن فصل روسيا عن العالم كما كان يروج لذلك في البداية، فأمن روسيا من أمن أوروبا، مشيرًا إلى تصريحات الرئيس الروسي عندما قال: "العالم يقع على جانبي روسيا"، فأوروبا تعاني من أزمة حبوب وطاقة وأسمدة كل هذا المورد له روسيا، فكيف يتم فصلها عن النظام العالمي؟"
يُضيف الدكتور آصف ملحم، مدير مركز "جي سي إم" للدراسات ومقره موسكو، في تصريحاته , أن مطالب روسيا مشروعة من أوكرانيا وليست مستحيلة أو نزع سيادة أو غيره، الهدف هو منع عسكرة حدود روسيا وتهديد الأمن القومي من جانب واشنطن وحلفائها، مؤكدًا أن تنازل روسيا عن تلك الأقاليم في الوقت الراهن على الأقل غير قابل للنقاش .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
شاركنا رأيك