Wikipedia

نتائج البحث

Translate

Search our site

إعلان أعلي المقال



تحتل غينيا كوناكري التي تقع غرب إفريقيا موقعا استراتيجيا مهماً فهي من الدول المطلة على المحيط الأطلسي وتحدها ست دول السنغال ومالي وغينيا بيساو من الشمال، وتتعانق حدودها الجنوبية مع سيراليون وليبيريا وكوت ديفوار، نالت استقلالها عن فرنسا 

‏بعد الحرب العالمية الثانية عام ١٩٥٨م ومرت غينيا كالمستعمرات الفرنسية الأخرى في إفريقيا بحالة حرجة  من الفوضى الخلاقة التي عمدت فرنسا لإحداثها، وقد كانت غينيا من الدول السابقة إلى الحرية التواقة إلى العدالة وبرز هذا المشهد في الخمسينيات من القرن الماضي

‏اجتمع الرئيس الفرنسي شارل ديغول مع الزعماء الأفارقة بعد الحرب العالمية الثانية ليقدم لهم مكافئة ثمينة نتيجة مشاركتهم واستبسالهم في الحرب، أطرق ديغول بنات فكره ليقدم للرؤساء الأفارقة خطة سير المرحلة المقبلة ووعدهم بأن فرنسا ستمنحهم الاستقلال الكلي في اتخاذ القرار الذي يرونه مناسبا

‏ومنحهم ديغول حق الاختيار بين أحد أمرين، الأمر الأول أن تبقى دولهم في الرابطة الفرنسية أو المنظومة الاستعمارية الفرنسية لبلدان ما وراء البحار، أو الاستقلال الكلي عن فرنسا، وتحمل تبعات الخروج عن رداء فرنسا، أجمع الكل على ذلك إلا رجل أسمر الوجه كريم المحيا اسمه أحمد سيكوتوري

‏رفض سيكوتوري فكرة الاستعمار الناعم والدخول في المنظومة الفرنكفونية وأطلق جملته المشهورة ( إن غينيا تفضل الحرية مع الفقر على العبودية مع الغنى) وقال لديغول بأن غينيا تريد استقلالها ولا تستطيع الانضواء تحت مظلة فرنسا، كانت غينيا بتلك الخطوة أول دولة في إفريقيا جنوب الصحراء تنال استقلالها، خرجت فرنسا من غينيا وأحرقت كل شيء لم تترك شيئاً إلا وأفسدته حتى لا يستفيد منه سكان غينيا، بلغ الحقد والحسد بفرنسا أنها كانت تتلف مقاعد الدراسة والطباشير التي يتعلم الناس بها، وحملت معها حتى صحون الطعام والأوراق الإدارية وأضرمت النار على السيارات التي عجزت عن حملها.

‏كان ذلك درساً قاسياً للرؤساء الأفارقة حتى لا يفكروا في الخروج عن عباءة فرنسا، لكم القرار إذا فكرتم بالخروج عنا فإن مصير غينيا سيكون مآلكم، بدأت غينيا من الصفر لبناء نظامها الإداري والسياسي واستطاع سيكوتوري أن يدحر منظومة المعارضة التي أنشأتها الدمى الفرنسية وتقارب في الستينيات.

‏مع الاتحاد السوفياتي، وعندما تجاوز السفير الروسي صلاحياته في كوناكري طرده شر طردة، وصك عملة جديدة لغينيا، وبنى نظاماً اقتصادياً وفق القدرات التي تمتلكها دولته، لكنه لم يحسن فعل شيء واحد وهو أنه لم يغير النظام التعليمي وقد أنتبه لهذه الفكرة بول كاغامي إذا أردت أن تستقل عن فرنسا

‏فيجب عليك تغيير لغتك في التعليم والإدارة وإلا سيتم اختراق منظومتك بعملاء فرنسا النذلاء، عانى سيكوتوري بسبب مواقفه الصريحة ومبادئه الواضحة، وظل رجلا متمسكاً بإنسانيته وروحه الشعرية التي كانت تفيض من أجل تنمية مجتمعه حتى وافته المنية في الولايات المتحدة الأميركية عام ١٩٨٤م.

‏دخلت غينيا في نفق مظلم بعد وفاة سيكوتوري بسبب جنرالات فرنسا الذين اغتصبوا السلطة وكادت أن تمر البلاد بحرب إبادة أهلية تشبه التي حدثت في رواندا والكونغو وأوغندا، وظلت الأنظمة التي تتابعت عن الحكم طيلة ٢٦ سنة تتبادل عملية الانقلاب العسكري بين نجاح وفشل حتى جاء موعد انتخابات ٢٠١٠م

‏يعتقد المراقبون السياسيون بأن أفضل انتخابات جرت في دول غرب إفريقيا هي الانتخابات الرئاسية لجمهورية غينيا ٢٠١٠م اتسمت العملية الانتخابية بالنزاهة والصرامة  وبدا جلياً أن أستاذ القانون البروفيسور ألفا كوندي هو أقرب المرشحين للوصول إلى قصر كالوم في العاصمة كوناكري.

‏إنها قصة تشبه قصة قيس سعيد رئيس الجمهورية التونسية حالياً، كيف يتحول المحاضر الأكاديمي من رسول للمعرفة إلى وثن وطاغية يعشق التبجيل ويغمط الناس، ألفا كوندي رجل قانون أعجب الناس به لأنه تحدث عن واقعهم ولسانهم لم يكن من جنرالات الحرب، لكنه بعد برهة من الزمن أكَّد للناس بأنه


‏فاسد ولا يقل عمالة عن عملاء فرنسا الآخرين، منح زوجته وابنه كافة الصلاحيات لسرقة البلاد، لا سيما في مجال التعدين الذي يدر أرباحاً طائلة، وظل الرجل الذي يبلغ من العمر ٨٣ سنة متنقلا بين الدول الإفريقية لحماية مصالح فرنسا، فلما رأت فرنسا أنه شاخ استبدلوه بعميل أكثر قوة وصلابة

‏وسقط كوندي في لعبة الانقلابات التي يخطط لها ضباط الجيش الفرنسي، الانقلابات في الدول الإفريقية الناطقة بالفرنسية كشربة ماء ربما في كل شهر تحبط الحكومات عملية انقلاب عسكري، هو أمر سهل للغاية تظل غينيا مع السوءات التي تحيق بها أكثر الدول الإفريقية حريةً في المجال القانوني والاقتصادي

‏فجمهورية غينيا غير ملزمة بالاتفاقيات التي وقعتها الدول الإفريقية بعد استقلالها بخصوص التعاون العسكري مع فرنسا، وتسديد فواتير الإعمار والمشاريع التي نفذتها فرنسا في تلك الدول أيام الاستعمار، كما أن غينيا غير ملزمة باتفاقيات الفرنك الإفريقي الذي يمثل ذروة الاستعباد الاقتصادي







ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شاركنا رأيك

إعلان أسفل المقال