في 2001 قررت قيادة طالبان الانسحاب
العام من كل المدن جراء استخدام أمريكا قاذفات بي 52 التي دمرت العديد من القرى
بقنابل 9 طن التي استخدمت لأول مرة آنذاك في استعراض أمريكي للقوة وبنبرة الانتقام
من هجوم 11 سبتمبر
عندما اتضح أن الغزو الأمريكي
لأفغانستان قادم لا محالة كانت الفكرة الحاضرة في ذهن الأفغان أنها ستكون حربا
كالتي خاضوها ضد الروس ولذا حفروا الخنادق ووزعوا القوات والذخيرة وأعادوا ترتيب
الصف الداخلي ولم يكن هناك ترتيب لأي انسحاب
الوحيد الذي استعد مبكرا للحرب هو بن
لادن فقد أدرك أن نجاح القاعدة بضرب أمريكا سيقود إلى الاشتباك في أفغانستان بصورة
أكبر من القصف الأمريكي لقندهار عام 1998 والذي كان ردا على استهداف القاعدة
لسفارتي أمريكا في نيروبي ودار السلام
بن لادن قام بخطوتين للاستعداد للحرب
أولا أمر ببناء تحصينات تورا بورا لتكون موقع ثبات العرب عند الانحياز من المدن
وثانيا أمر باغتيال أحمد شاه مسعود أكثر شخصية مؤهلة لقيادة أي قوات على الأرض ضد
طالبان
أمريكا اعتمدت على القصف الجوي المكثف
بجانب تقدم قوات تحالف الشمال الذي كان يدخل كل مدينة بعد انسحاب طالبان منها وهو
انسحاب لم يكن مخططا له ، الكل فقط كان يتجه للجبال المحاذية لباكستان تقريبا فوقع
الكثير من المقاتلين في الأسر بعد أن حوصروا كما حدث في قندوز وقندهار وجلال أباد
دخول القوات الأمريكية المدرعة لم يحدث
إلا بعد انسحاب طالبان للجبال ففي البداية كانت الحرب تعتمد على سلاح الجو والقوات
الخاصة الخفيفة بجانب تحالف الشمال أي أن الجيش الأمريكي الثقيل لم يدخل إلا في
بداية 2002 وعند دخوله الميدان بدأت طالبان حربها
انحياز طالبان للجبال وقدوم القوات
الأمريكية البرية وانتشار قواعدها أفرز حرب العصابات التي ستستمر لسنين طويلة
وتعتبر عملية أناكوندا 2002 أول عملية أمريكية ضد طالبان بعد احتلال أفغانستان
وأسفرت عن فشل عسكري ذريع
في 2003 استمرت طالبان في استهداف
القوات الأمريكية بشكل متقطع دون عمليات كبيرة تذكر وكانت الفكرة هي قصف القواعد
الأمريكية بصواريخ مدى متوسط والانسحاب من موقع الإطلاق دون اشتباك في كل مرة وهو
أمر أرهق الغزاة
في 2003 أيضا انخرط الجيش الأمريكي في
حرب العراق مما خفف الضغط على طالبان نوعا ما إلا أن المقاومة العراقية السنية
للغزو الأمريكي ساهمت كثيرا في زيادة تكلفة الحرب ( ٣ تريليون دولار ) وهذا أعاد
حسابات واشنطن كما سنرى لاحقا
في 2004 انخرط الناتو بحرب أفغانستان
بشكل جدي بعد ضغط أمريكي لتقاسم المسؤوليات وعدلت أمريكا طريقة تمركز قواعدها بحيث
تكون ملاصقة تقريبا للقرى الأفغانية لكيلا تستهدفها طالبان بالصواريخ من بعيد وهو
تكتيك خفف القصف
في 2006 اقتبست حركة طالبان أساليب
العراقيين في إخفاء العبوات الناسفة عن مجسات الكشف الأمريكية وشهدت طرق أفغانستان
موجات تفجير عبوات في الأرتال الأمريكية كما كان يحدث في العراق
في 2007 استمرت طالبان في عمليات
الاغتيالات والخطف وقصف قواعد الناتو وتفجير العبوات الناسفة في الأرتال الأمريكية
وبدأت في الظهور العلني في عدة مناطق جبلية كتحدي للغرب
في 2008 بدأ التركيز الأمريكي على تجهيز
الجيش الأفغاني كبديل عن المليشيا الفاسدة التي كان زعماؤها يزودون الأمريكان عدة
مرات بمواقع منافسيهم ليقصفوها على أنها مواقع لطالبان
في 2008 أيضا تصاعدت ظاهرة قتل جنود
أفغان لحلفائهم الأمريكان وتأكدت أمريكا أن طالبان قد اخترقت الجيش الأفغاني منذ
وقت طويل ودست فيه الكثير من مقاتليها ولذا بدأ الحذر والشكوك تحيط بالعلاقة مع
الجيش الأفغاني وهذا ساهم في إضعافه مع الوقت معنويا
في 2009 سقط برويز مشرف رئيس باكستان
وحليف واشنطن في حرب أفغانستان وحدث تغير في دفة القيادة أعاد حسابات إسلام أباد
القديمة في دعم طالبان وذلك بعد تزايد نفوذ الهند في الجوار الأفغاني بفعل وجود
حكومة كابول وأصبحت مدينة كويتا الباكستانية مقر لقيادات طالبان لاحقا
في يناير 2009 وصل أوباما للحكم وعزل
قائد الجيش وفرض استراتيجية جديدة تقوم على زيادة القوات الأمريكية في أفغانستان
بشكل كبير لتضييق الخناق على طالبان ومن ثم جلبها لطاولة التفاوض وفق الشروط
الأمريكية
في 2010 دخلت الطائرات بدون طيار ميدان
الحرب وأسهمت في اغتيال الكثير من قادة طالبان في أفغانستان وداخل الأراضي
الباكستانية أيضا وكانت بالفعل تطور نوعي خطير
في 2011 نجحت أمريكا في اغتيال بن لادن واقتنع أوباما
بعد ذلك بصعوبة النصر في أفغانستان فبدأ بخفض تدريجي للقوات وبدأ أيضا بالتمهيد
للحوار مع طالبان وأول خطوات ذلك هو ايقاف التشويه الاعلامي ولصق كل شيء ارهابي
بشبكة حقاني وهو أمر ملاحظ تلك الفترة وكنت قد كتبت عنه بوقتها
في 2012 بلغ عدد قتلى الجيش الأمريكي
2000 جندي وهو رقم لا يشمل مرتزقة شركات الأمن الأمريكية الخاصة الذين لا تنشر
خسائرهم بموجب عقود العمل
في 2013 تم افتتاح مكتب طالبان في قطر
ورفع الوفد شعار لا مفاوضات قبل انسحاب القوات الأجنبية ولذا استمرت طالبان
بالقتال بجانب الحوار طوال السنين اللاحقة لغاية توقيع اتفاق الانسحاب النهائي عام
2020
في 2013 أيضا جاءت أول إشارة لفكرة
الانسحاب مع قيام الجيش الأمريكي بتدمير المعدات الثقيلة تمهيدا لإلغاء القواعد
البرية المنتشرة في أفغانستان والتمركز أكثر في القواعد الجوية
في 2014 أعلن حلف الناتو انتهاء مهمته
القتالية في أفغانستان المعروفة باسم ( ايساف ) والاكتفاء بعد ذلك بتدريب الجيش
الأفغاني وطالبان تصف ذلك ب ( الهزيمة )
في 2015 شنت طالبان سلسلة من الهجمات
الكبيرة شمال أفغانستان واستطاعت إعادة السيطرة على عدة مناطق ريفية وقامت بنفس
الوقت بعمليات جريئة كالهجوم على البرلمان في العاصمة كابول
في 2016 نجحت القوات الأمريكية باغتيال
زعيم طالبان الملا منصور أختر الذي تولى قيادة الحركة بعد وفاة الأمير المؤسس
الملا عمر وبعد اغتيال منصور أختر قام مجلس شورى طالبان باختيار الملا هبة الله
أخوند زاده فكان ثالث قائد للحركة خلال الحرب
في 2017 يقرر ترمب شن حملة قصف عنيف
على مناطق طالبان ليخضعها للتفاوض ونتج عن هذه الحملة الكثير من المآسي أبرزها ما
حدث في قندوز بعدها بعام في قصف مدرسة تحفيظ القرآن التي استشهد فيها 150 طفل
وكانت من أبشع جرائم أمريكا
في 2018 ردا على تصعيد ترمب قامت
طالبان باغتيال مدير المخابرات الأفغانية وقائد شرطة قندهار وأفلت قائد قوات
الأطلسي الجنرال سكوت ميلر من العملية التي حدثت داخل مبنى ضم اجتماعا أمنيًا عالي
المستوى
في 2019 أصبحت وفود حركة طالبان تستقبل
في موسكو وإسلام أباد وقبلها طهران وقبل ذلك أوسلو والتقى وفد طالبان لأول مرة مع
وفد أمريكي في الدوحة واستمرت المفاوضات ل 8 جولات وتوصل الوفدان في نهاية العام
لمسودة اتفاق وصفة المبعوث الأمريكي خليل زاده بأنه اتفاق تاريخي
في 2020 وافق الرئيس ترمب على مسودة
الاتفاق وتم توقيع اتفاقية السلام بين حركة طالبان والولايات المتحدة الأمريكية
بحضور دبلوماسي دولي في العاصمة القطرية الدوحة
في 2020 أيضا تم الافراج عن آلاف
السجناء من مقاتلي طالبان بموجب اتفاقية السلام والجدير بالذكر أن طالبان لديها
إلتزام مقدس تجاه الأسرى حدث ذلك في خطف العديد من الأجانب للمبادلة بهم وبتحريرهم
أولا في كل ولاية تدخلها وفي عمليات عديدة مثلما حصل بحفر النفق بسجن قندهار عام
2011
في 2021 جهزت طالبان نفسها لتفكيك
الجيش الأفغاني عبر اغتيالات بعض القادة وتحييد بعضهم باتفاقيات خاصة وبضغط
الوجهاء والعلماء في كل ولاية وفي شهر 6 وظفت كل ذلك وبدأت زحف ممنهج للاستحواذ
على كل الريف الأفغاني وبذلك حاصرت كل عواصم الولايات ال 34
في تاريخ 6 / 8 / 2021 بدأت قوات طالبان
اقتحام عواصم الولايات بعمليات خاطفة وحرب نفسية للتسليم ما عدا عاصمة ولاية هلمند
لشكركاه وبعض المدن التي تدخل الطيران الأمريكي للحيلولة دون سقوطها رغم أن ذلك
يعد خرقا لاتفاق السلام الذي يفرض على أمريكا الحياد عسكريا
تأسيس طالبان خلايا أمنية في كل الولايات
ساعد على التحرك من الداخل في كل مدينة وهو الأمر الذي باغت الجيش الأفغاني الذي
كان يظن أن ظهره آمنا وهذا صحفي أفغاني يقول اكتشفت أن بيت جاري كان مكتب مخابرات
لطالبان منذ سنين وبنفس الشارع يقيم قائد القوات الخاصة في كابول
في 15 / 8 / 2021 دخلت قوات طالبان
العاصمة كابول بعد هروب الرئيس أشرف غني للخارج وبذلك تنتهي العمليات القتالية
التي استمرت طوال 20 عام وقدمت فيها حركة طالبان أكثر من 50 ألف شهيد واستشهد نصف
الصف القيادي على رأسهم داد الله وحقاني بجانب الأمير الأول الملا عمر ثم الثاني
أختر منصور
إذا كان هناك درس من حرب أفغانستان فهي
هذه الكلمات التي ستتناقلها الأجيال وهي تحكي قصة الصبر والتحرير والنصر
لقد وعدنا الله بالنصر ..
ووعدنا بوش بالهزيمة ...
وسنرى أي الوعدين أصدق !
الملا عمر / 2001
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
شاركنا رأيك